العلاقات هنا مش مجرد علاقات عادية، وده مش مجرد فيلم
مسلي هـ نقوم بعد ما ينتهي من دار العرض وإحنا مبسوطين من اللي شفناه، هنا الفيلم
له معنى وبُعد أعمق من ده بـ كثير.
في مشهد مهم من الفيلم تقوم “آني” بالبكاء على
مشاهد فيلم Cast Away لتوم هانكس، مش لأن الفيلم مؤثر على قد ما لقيت حاجة
تعيط عليها لأن الحزن اللي جواها كبير، فمثلاً صديقتها المقربة “ليليان”
اللي بـ تحضر لفرحها خلت “هيلين” –زوجة صاحب الشركة اللي بـ يشتغل فيها
“داني” زوج “ليليان” المستقبلي– هي اللي تحضر كل تحضيرات
الفرح بدل منها، “آني” متأثرة بفقدان أعز صديقاتها، وما حدش من وصيفات
الشرف بـ يحبها على عكس “ميجان” غريبة الأطوار، “آني” كمان
متأثرة بفقدان البيت اللي عايشة فيه علشان ترجع تعيش ثاني مع والدتها، زي ما
متأثرة بأنها سابت صديقها الجديد ضابط الشرطة “رودز” واللي فعلاً بـ
يحبها، كمان رئيس شغلها مش عاجبه أدائها الوظيفي في بيع المجوهرات والذهب، طبعًا
الحياة كلها بالنسبة لـ “آني” فاشلة، وصلت لأقصى قاع زي ما بـ تقول
والدتها، فيا ترى هـ تقدر تسترجع حياتها من جديد؟
شفنا الفيلم ده مرتين، والحقيقة أن في كل مرة بـ نشوفه بشكل
جديد، مع أن الفيلم يبان مجرد فيلم كوميدي بسيط عن الصداقة اللي بـ تجمع
“آني” و”ليليان”، أو حتى مجرد فيلم البعض يصنفه أنه
“فيلم نسوي” لأن أبطاله وقصته وكل شيء فيه عن النساء فقط.
لكن الموضوع أعمق من كده بـ كثير لأنه مش عن الحاجات
اللي فاتت فقط، لكنه بـ يتكلم عن المجتمع الأمريكي نفسه اللي بقى كل أفراده في
جزيرة معزولة، كل واحد مع نفسه، نشوف أم “آني” مثلاً وهي بـ تحضر
مقابلات جمعية لمدمني الكحول أو المخدرات، وتطلب من “آني” تيجي تعيش
معاها، لكن “آني” ترفض لأنها نفسها بـ تخاف تقرب من أي حد، حتى ضابط
الشرطة “رودز” لمجرد أن علاقتها بالحبيب القديم كانت علاقة مؤلمة،
“هيلين” اللي بـ تقرب من “ليليان” العروسة في تحضيرات الفرح،
واللي نحس أنها أرستقراطية وعايشة حياتها، لكن نعرف أن زوجها بـ يسيبها وأولاد
زوجها بـ يكرهوها، “ريتا” ابنة خال “ليليان” حاسة أنها وحيدة
مع أنها عندها 3 أطفال وزوج لكن مش حاسين بها خالص.
علشان هنا كان الطبيعي نشوف “ميجان” تيجي في
مشهد مهم –وهو المشهد افتتاحية المقال– وهي تخبط في “آني” وتضربها علشان
تقول لها أن هي دي الحياة، وتقول لها أن أي إنسان هو مشكلة نفسه وهو كمان الحل،
فكانت هنا اللحظة الفاصلة، والحقيقة أنها نفسها اللحظة الفاصلة لنا أننا نفكر في أن
الحياة مستمرة، مهم قوي نعرف إزاي نبدأ ثاني حتى لو بداية بسيطة زي ما عملت
“آني” أنها ترجع تخبز ثاني زي ما كانت في الأول.
فيلم قد إيه بسيط، قد إيه عميق، يمكن عيبه شوية أن البطلات
في حياتهم ما عندهمش مشكلة مادية، فـ يقدروا يسافروا لـ “لاس فيجاس”
و”ليليان” تشتري فستان فرحها من باريس، فطبيعي الفيلم هنا بـ يتكلم عن
فئة معينة، لكن نقدر نقول أن دي مش مشكلة خالص أو عنصر يقلل استمتاعنا بالفيلم.
كريستين ويج في دور “آني” وهي في نفس الوقت
المشاركة في كتابة السيناريو نقدر نقول أنها بكل الإمكانيات اللي عندها ممثلة جيدة
جدًا، خاصة وهي بـ تقدم تفصيلات بسيطة قوي لكن بـ تبين تحول الشخصية زي في المشهد
اللي عرفت فيه أن صاحبتها “ليليان” اتخطبت، فـ بدأت تضحك ضحكة طويلة جدًا،
وكأنها بـ تضحك على نفسها أنها ما عرفتش توصل لعلاقة حقيقية زي ما عرفت صاحبتها.
قدر المخرج “بول فيج” يقدم فيلم على المستوى
البصري بسيط، مافيش ألعاب اخراجية عظيمة، وإن كان فيه مشاهد طويلة شوية، فـ حاول
هنا المونتاج يحافظ على الإيقاع، وما تبقاش المشاهد الطويلة مملة، على قد ما تكون
جاية علشان تخدم غرض في القصة، لكن ده الحقيقة ممكن تحقق في مشهد أولى حفلات
“ليليان” وتعرف “آني” على صديقاتها وقرايبها، لكن ما تحققش في
مشهد الطائرة واللي كان طويل جدًا، وكمان عنصر التصوير كان على قد الغرض المستخدم
فيه، وده الحقيقة ميزة أن الشخصيات ويمكن الحدث الرئيسي –تحضير حفل زفاف
“ليليان”– هو اللي واضح قوي وطاغي على أي شيء ثاني.