The Definitive Guide to Living in the Capital , Cairo , Egypt

تخيل لو العلم الحديث توصل لحيلة معينة. يخليك تنسى الشغل وهمومه ومشاكله. وماتفتكرش غير الأحداث الجميلة اللي بتحصل بعد الشغل، اللي كلها تواصل مع الأسرة، وتفرغ للهوايات، و(الأنتخة) قدام الكنبة مع مشروب بارد وفيلم لطيف. حاسسين بمعظمكم وأنتم بتقولوا: ده كده نبقى عايشين في الجنة! .. صناع مسلسل Severance بيقولوا لك: لو حصل كده.. هتبقى في الجحيم بعينه!

مسلسل Severance اللي بيعرض حصريًا على منصة Apple TV plus وبينتمي لعالم الفانتازيا. بيتخيل عالم قدر فيه العلم يصل لعملية اسمها عملية (الشطر)، واللي بيتم فيها فصل فص في المخ، وبالتالي بينسى الإنسان أي حاجة لها علاقة بالشغل، بمجرد ما يخرج منه. علشان يقدر يتفرغ لحياته الخاصة بشكل أفضل.

المشكلة في عملية (الشطر) هي أن الشخص هيتحول مع الوقت لشخصين عايشين في نفس الجسم. الشخص الأول مش بيفتكر غير الشغل وضغوطه ومشاكله، والثاني مش بيفتكر غير الهوايات ووقت الفراغ والوقت المخصص للأسرة. لدرجة أن الموظف لو قابل زميله في الشغل خارج ساعات العمل الرسمية أو خارج مكان الشغل، مش هيكون عارف هو بيكلم مين أصلا!

الصراع في Severance بيبدأ لما الشخصية اللي مافيش في حياتها غير الشغل وبس، بتقرر التمرد على حياتها اللي أصبحت كلها ضغوط ومشاكل، وبيقرر يترك رسالة للنصف الثاني منه، لكن سياسة الشركة بتمنع أي تواصل بين الإنسان ونفسه! أو بمعنى أصح: بين الشخصية اللي في الشغل. والشخصية خارج الشغل.

كل الصراعات دي بنشوفها ممثلة في شخص (مارك) – قام بالدور آدم سكوت- وهو موظف (مشطور) ومن أكبر المناصرين لعملية الشطر. بيستمتع بحياته اليومية بعد الشغل بدون منغصات، بينما شخصيته في الشغل حازمة ودقيقة وملتزمة بكل تفصيلة بيأمره بيها المديرين بتوعه. على الرغم من أننا ومن المشهد الأول، بنحس أن الشركة لها أهداف أكثر لؤما من مجرد انجاز الأعمال اليومية المعتاده.

زملاء آدم في الشغل، هم كمان عاملين (شطر)، وبنشوف رحلة تحولهم من موظفين ملتزمين مؤمنين بأهمية (الشطر)، لموظفين متشككين، مش بس في مدى إنسانية عملية الشطر، لكن متشككين في مقدار الرحمة اللي تمتعوا بيها، وهم بيحكموا على جزء من وعيهم، يكون حبيس بيئة العمل مدى الحياة.

ما تستغربوش من الكلام الكبير اللي بنقوله. هو ده اللي وصلنا له المخرج والمؤلف بين ستيلر، واللي قدر يقدم فكرة فلسفية في غاية العمق، ويعمل إسقاط على أوضاع العمل غير الإنسانية اللي بيعيشها البعض، كل ده من خلال مسلسل لا يتجاوز ٩ حلقات، مدة الحلقة الواحدة حوالي ساعة وده في رأينا واحد من أهم أسباب نجاح Severance.

لكن من ناحية تانية، مانقدرش ننكر أن حالة الغموض اللي بدأ بيها المسلسل واستمرت لفترة طويلة نسبيا، جعلتنا عند مرحلة معينة نحس بالملل، كمان السيناريو نفسه مكانش بيقدم أحداث كتير في كل حلقة، لكن في المقابل كان بيقدم قفلة قوية تخلينا مجبرين نتفرج على الحلقة اللي بعدها. لكن لازم نستحمل بطء الأحداث في البداية لحد ما نشوف التتابع النهائي.

Severance مش أقوى مسلسل شوفناه مؤخرًا، لكنه مسلسل مختلف قادر على أنه يخلينا نفكر بطريقة مختلفة، عن القرارات اللي بناخدها في حياتنا، وأهمها القرارات اللي لها علاقة بالشغل.