The Definitive Guide to Living in the Capital , Cairo , Egypt

مزيكا

ببالي: هل هيفضل ألبوم جارة القمر “ببال” محبيها رغم كل الاقتباس؟

ببالي: هل هيفضل ألبوم جارة القمر “ببال” محبيها رغم كل الاقتباس؟
بواسطة
Cairo 360

كتب: محمود حافظ

لو سألنا عن عمر القمر بالتحديد، هنلاقيه حوالي 4.5 مليار سنة، أما عمر جارة القمر فوصل دلوقتي 82 سنة بس، جارة القمر.. سفيرة النجوم..شجرة الأرز..صوت الملايكة، كلها ألقاب منحها الجمهور لـ (نهاد حداد) المطربة اللبنانية الأشهر المعروفة بفيروز، وزي سحر القمر المستمر لغاية النهاردة، سحر فيروز مانتهاش رغم العمر الطويل، وممنعهاش أنها تغني ألبومها (ببالي) رقم 99 في مسيرتها الغنائية.

بترجع فيروز بعد 7 سنين غياب من آخر ألبوماتها (إيه فيه أمل) سنة 2010، والألبوم منزلش لسة كاسطوانات أو على اليوتيوب لكنه موجود على المتاجر الألكترونية والـ  Soundcloud، الوسط الفني والجمهور استقبلوا العودة زي كل مرة بآراء متضاربة ومختفلة، لكن كتير منها نقدية وسلبية، إزاي وليه ده حصل مع قامة كبيرة زي فيروز ؟!

يا ريما…كفاية اقتباس وإبعدي عن فيروز!

خلال مشوارها الفني كله، سجلت فيروز أهم محطات تاريخها مع الرحابنة، اسم العيلة اللبنانية الأشهر فنيًا، أولهم الأخوين عاصي ومنصور الرحباني اللي كتبوا ولحنوا أغلب المسرحيات والأغاني الشهيرة والناجحة، والتعاون اتأكد بجواز فيروز من عاصي، واللي نتج عنه الجيل الجديد من الرحابنة، زياد وريما الرحباني.

وفي ألبوم (ببالي)، استلمت ريما شعلة الرحابنة من أخوها زياد اللي معتزل الظهور الإعلامي تمامًا من فترة، ريما كتبت كلمات الأغاني صحيح باعتبارها أصلاً شاعرة موهوبة بجانب عملها الأساسي كمخرجة، لكن الموسيقى مش جديدة ومش متلحنة مخصوص لفيروز، إنما مقتبسة من أغاني معروفة لمطربين غربيين مشهورين.

هنا السوشيال ميديا كلها قامت على ريما، إرحمي تاريخ والدتك..إزاي تقللي من قيمة فيروز بألحان قديمة وكلمات سهلة ؟!، والاتهام ده مش مقتصر على الجمهور بس، حتى مطربة ليها وزنها زي (إليسا) نفسها شيرت كلام صحفي لبناني بيقول فيه إن ريما سليلة الرحابنة قررت تنهي مسيرة أمها بتحفة فنية برعاية جوجل للترجمة!، بيأكد ان كلمات ريما في قمة والسطحية.

ألحان قديمة؟!..مش أول مرة، ومش عيب!

كل عشاق فيروز عارفين الحقيقة دي كويس، أن ليها أغاني كتير (مُعرَبة) أو (مُلبننة) عن أغاني عالمية مشهورة، ومن أجمل ما غنت كمان، تحف كتير متتنسيش من كلاسيكيات فيروز، منها أغنية (يا أنا يا أنا) اللي لحنها أصلاً للموسيقار المعروف موتسارت في السيمفونية رقم 40 ليه، كمان أغنية (كانوا يا حبيبي) المستوحاة من نشيد عسكري للموسيقار الروسي (ليف كنيبر)، وغيرهم من أغاني محتاجة تقرير كامل لحصرها.

 

 

 الفكرة هنا أن اللحن يستاهل يتغنى تاني وتالت، وأن صوت زي فيروز هيضيف للموسيقى مش يقلل منها، وهيقدمها للجمهور العربي بشكل راقي مش مبتذل فيناسب ذوقه، النقاد والصحفيين المخضرمين بيأكدوا أن الخلاف وانقسام الآراء على الأغاني المتعربة دايمًا بيحصل من الستينات مع عاصي الرحباني نفسه، لغاية ما الناس تركز ع الفن والقيمة وتنسى اي حاجة.

أما بالنسبة لشبهة السرقة، فناس زي الرحابنة وفيروز مش هيخاطروا باسمهم من غير فهم طبيعة وحدود الاقتباس، والواقع ان قانون الملكية الفكرية وحقوق المؤلف بيسمح باستخدام المادة الفنية زي اللحن طالما مر 50 سنة على خروجهم للنور، حتى في أمريكا القانون بيسمح باستخدام اللحن من غير ذكر صاحبه، لأنه كدة كدة منسوب ليه بحكم الشهرة.

الكبار أقتبسوا…الكبار أوي كمان!

 

 

من باب الأمانة كمان، كبار الملحنين والفنانين أقتبسوا، لأن في الآخر الفن تراث إنساني عالمي، زي ما بنقتبس الأفلام الأجنبية حتى، والإشارة لصاحب الأصل بتدل دايمًا على أمانة اللي اقتبس، خلينا نعترف أن عبد الوهاب نفسه أقتبس ألحان غربية، والموسيقار الأسطوري بتهوفن اقتبس من موتسارت، وموتسارت هو كمان اقتبس من التراث العربي الأندلسي نفس السيمفونية اللي فيروز غنتها في أغنية يا أنا !

 

 

حتى الموسيقار حلمي بكر اللي معروف بتزمته وتدقيقه تجاه الفن، قال مفيش أي عيب في الاقتباس من ألحان عالمية، طالما الألبوم نفسه يستاهل ويوصل للعالمية، حتى أغاني فيروز كتير اقتبسوا أغانيها في أغاني الغرب، يعني هي كمان ممكن تقاضيهم.

 هنا دورنا كجمهور وسميعة، أننا نسمع ونحكم من غير اي تحيز، ريما الرحباني دايمًا متعرضة للنقد بسبب (سيطرتها) على فيروز بحسب ما البعض بيوصفها، لكن كل ده هيتنسي وتفضل الأغاني ويفضل صوت فيروز، اللي كالعادة تصدر الآي تيونز من لحظة انطلاقه.

 

دلوقت ناخد جولة في الألبوم اللي فيه 10 أغاني، منهم 3 سبق واتنشروا قبل كدة، هنقول تفاصيل كل أغنية والأصل الأجنبي ليها، ونحاول نحكم معاكم بحيادية

1، 2 – لمين

أول أغنية اتذاعت من الألبوم في شهر 6 اللي فات، في ذكرى وفاة عاصي الرحباني، الكلمات مهداة ليه من ريما وأمها، بسيطة جدًا وهادية زيها زي اللحن نفسه، واللي أصلاً في الأغنية الفرنسية (لمن يسهر النجم Pour qui veille l’étoile) للمغني الفرنسي جيلبير بيكو سنة 1956، يعني الحقوق متاحة بالفعل للاقتباس، ريما استقبلت الهجوم الكاسح على الأغنية بهدوء وقالتها صراحة، مش أول مرة تغني أمي أغنية مترجمة، وهي بتحب الأغاني العالمية جدًا.

 

الأغنية تقريبًا نفس المعنى القديم (لمين بتسهر النجمة.. لمين بتنطفي العتمة.. إلك أو إلي أو مش لشيء؟..ولا أي شيء!)، التساؤل في محله من فيروز لزوجها الراحل، مش لازم نقول أن النجوم عشان حبنا ونعمل فيها رومانسيين، النجوم مش عشاني ولا عشانك..ولا عشان أي شي يا سيدي، بس أحنا مبسوطين في الآخر وده المهم!

 رغم البساطة، كتير شافوا الكلمات ضعيفة ومكررة، وبعضهم ما صدق يسمع صوت الملايكة لفيروز وهي بتطول في كلمة (لمين) عشان تخرج بالسحر ده!، الأغنية ليها نسخة تانية في الألبوم على البيانو، واتحسبت من ضمن الأغاني العشرة.

 

3- يمكن

 لو حبيت تدعو للسلام والتعايش بلا حروب ودم، أكيد صوت فيروز السماوي هيكون مثالي جدًا للتعبير، وده اللي حصل في الأغنية التانية اللي نزلت سينجل بعد (لمين) كدعاية للألبوم، متعربة برضه عن الأصل الأنجليزي في أغنية ( تخيل Imagine ) اللي غناها ولحنها العبقري جون لينون، وهو من أهم المؤسسين في فرقة (البيتلز) أسطورة القرن في الغنا.

 

 

أغنية (يمكن) بسيطة في كلماتها، لكن في الحقيقة معبرة، وفيروز غنت زمان للحرب على الظلم في أغنية (زهرة المدائن) وقالت (الغضب الساطع آت) مع طبول الحماس والتشجيع، المرة دي بتغني للسلام وبتقول (ما عاد بدنا حروب، بلا سبب نموت بكره يضل مخوّفنا، ليش و ع شو تقاتلنا؟! مادام السما واحدة لكل الناس)، كلها أحلام طبعًا لكن هي بتختم وتقول ( الحلم وحده بيجمعنا..نعيش في سلام)

4- أنا وياك

 المرة دي الأغنية سريعة في إيقاعها، متعربة عن أغنية مكسيكية مشهورة غناها كتير جدًا من المطربين من كل مكان، وهي اغنية (بيسامي موتشو  (Besame Muchoومعناها (قبلني كثيرًا) اللي غنتها ولحنتها كونسويلو فيلاسكيز، وريما أعلنت صراحة من شهرين وقت نزول الأغنية انها متعربة عن الأصل المكسيكي.

 

 

الكلمات رومانسية سهلة لكن اللحن أسرع من الأصل، بتقول فيها (من أوّل ما التقينا كل ما زعلنا وتراضينا، عطول كنت بتغنيلي ياها، إيامنا وليالينا، حكايتنا ماضينا، كيف بتفكّر إنّو ممكن إنساك)، وفي ختمة الأغنية فيروز قالت صراحة (بيسامي موتشو) وكأنها بتعترف بحبها للأصل.

5- ببالي

 أما أغنية الألبوم وعنوانه، فهي متعربة عن الأصل الأمريكي (The Way We Were ) للمغنية (باربرا ستريساند Barbra Streisand) من فيلم بنفس الاسم، ريما مغيرتش في الأغنية الأصلية، اللي فعلاً لما تسمعها هتعرف ليه فيروز حبت تغنيها، الحقيقة دي في كل أغاني الألبوم، هتحب الأصل قبل ما تحب النسخ!

 

 

المرة دي رومانسية حزينة بعكس الأغنية اللي فاتت، عن الحنين للماضي والذكرى، الذكريات اللي (ببالي) وفي بال كل واحد مرت تجربته من زمان (ذكريات صور مصفرة وممحية، قاعدة بزوايا بالي من عمر عشناه)، و نلاقي تساؤل عن معنى الألم في ده (ذكريات مع انها صور حلوة شو اللي فيها بيوجعنا) ، لكن برضه في الختام بييجي الجواب (وبتبقى الضحكات من عمر عشناه).

6- راح نرجع نلتقي

طول عمرها فيروز تحب تغني للمناسبات والفصول، كل وقت عندها ليه سحره اللي يستاهل تحكي عنه بصوتها، يمكن ده راجع لطبيعة لبنان البديعة اللي كل الشهور فيها جنة على الأرض، وزي ما غنت زمان لشهر أيلول (سبتمبر) وفصل الخريف البديع اللي بتقع فيه أوراق الشجر زي الدهب، وقالت (ورقه الأصفر شهر أيلول تحت الشبابيك ذكرني ورقه دهب مشغول ذكرني فيك).

المرة دي فيروز غنت لفصل الشتاء والتلج اللي فيه برقي شديد، بالتحديد لشهر كانون الأول والتاني ( سبتمبر ويناير) اللي بيعلنوا انتهاء العام أخيرًا، بتقول (كل ما التلج غطى الدني..كل ما رجع كانون..خلصت سنة وطلت سنة ما بنعرف كيف بتكون) لكن رغم الفرقة رأس السنة بتجمع الكل وفي الآخر (ما تحزنوا يا صحابي راح نرجع نتلاقى)، والأصل المرة دي للمغنية الأمريكية جين مانسون في تحفتها “Ce n’est qu’un au revoir”

 

 

7- حكايات كتير

 تبدأ الأغنية المرة دي وكأنها بتكمل جملة وبتقول (واليوم بعد ما عشت حكايات كتير صارت بعيدة قديش فرحت وحزنت والنهايات مش ديماً سعيدة) واضح جدًا ان فيروز بتحكي هنا عن نفسها، وكأنها بتختم..وبتفتكر الأيام، نفس اللي قاله الأسطورة الأمريكية (فرانك سيناترا) في نهاية مسيرته، ريما نقلت نفس الشعور لوالدتها اللي متقلش عن سيناترا بالنسبة للجمهور العربي ويمكن العالمي كمان.

 

يمكن كنا نحب كجمهور لفيروز اننا نشوف خاتمة خاصة بيها، لكن هي – ربنا يطول في عمرها – قالت في الأغنية كل حاجة، ( اشيا كتير ما قدرت قلتا وبقيت جوايا نايمة منسية)، وآخر كلام (لكن أكيد أني آمنت وما استسلمت وعشت حياتي)

 8 – بيت صغير بكندا

المرة دي الأغنية مش جديدة، لأنها بالفعل اتغنت قبل 15 سنة بكلمات ريما، وزي ما فيروز غنت لبلدها في كل مناسبة ومكان، برضه غنت لبلاد تانية منها مصر وقالت (مصر عادت شمسك الذهب) فمش غريب انها تغني لبلد زي كندا، وتقول (بيت صغير بكندا ما بيعرف طريقه حدا قرميده مغطى بالتلج وكل المرج شجر وعصافير كتير بتغط وترتاح بتطير)

 

 

والأصل المرة دي للمطربة الفرنسية Line renaud

 

 

9- ما تزعل مني

رغم ان الأغنية تبان في الأول للحبيب ببداية رقيقة جدًا، وكل الكلام رومانسي لكن مع الوقت بتظهر الإشارات لحد تاني وفي الآخر (ما تزعل مني يا وطني..أنت بتعرف ما مرة تركتك)، أغنية تانية عن الوطن..بس تنفع لكل الأوطان، بتقول ( أنت الطفولة والسما زرقاء بيتي، والخير اللي كان، أيامي الحلوة أهلي والجيران، والضحكات اللي صاروا نسيان).

دعوة صريحة للتمسك بالوطن مهما كان رغم انها قالت برضه (بدي الحرية بدي التغيير)

 

10- بغير دني

نختم بأغنية تانية من فيروز عن نفسها، من أولها جو متوتر وكأنك متراقب، لأنها المرة دي بتحكي عن المسرح ورهبته، الصعود عليه مش هين ومواجهة الجماهير، دقات متتابعة في اللحن كأنها ضربات قلب المطرب قدام الميكروفون (لحظة دخولي ع المسرح لوجوه غرقانة بالعتمة، العيون مسمرة عليا قلبي بيدق خوفي بيزيد)

فجأة كل ده بيتغير، اللحن نفسه بيهدى والترقب بيختفي، لأن فيروز بقت جارة القمر على مكانها..مسرحها، بتقول (بغني وبصي بغير دني..بغير مكان وبغير زمان..وحيدة وبعيدة)، بغير دني..تقصد بيها بغير الدنيا كلها..في مكان أحلى وأبعد، تسجيل تاني للحظة عظيمة في حياتها (من كل المدن اللي زرتا تبقى دايمًا نفس اللحظة)، أما آخر كلام وصفت بيها نفسها فهي (وحيدة وبعيدة وسعيدة)

أخيرًا…انتهت رحلتها للقمر هنا، أو على الأقل ده اللي تاريخها بيقوله، فهل الجمهور هيضم ألبوم (ببالي) للتاريخ ده؟!، وتتقبل كلمات ريما البسيطة رغم كل الاقتباس؟، الإجابة هنعرفها من التاريخ نفسه..تاريخ فيروز والفن.

مقترح