The Definitive Guide to Living in the Capital , Cairo , Egypt

وسط شمس الصيف الحارقة، والهواء اللي نسي يعدي على الناس وسابهم حرانيين ومشتاقين لنسمة هادية تهون عليهم يومهم، وما بين مقابر كتير في منطقة البساتين ووراء جبل المقطم  الضخم اللي مخبي نص السماء، كان فيه مبنى متآكل مالوش سقف، حيطانه عاملة شكل تراجيدي كأنها أنصاف عواميد متآكلة واقع من الناحيتين بقايا الأحجار اللي هدها الزمن من غير ما يستأذنها.

 

ومكتوب يافطة بيضاء واضحة محفور عليها اسم صاحب المكان “هذا مقام عز الرجال شيخ الإسلام قاضي القضاة العز بن عبد السلام” 577 هـ – 660 هـ.

 

 

حوالي 1000 سنة مرت على المبنى ده اللي أتبنى بعد وفاة الشيخ العز بن عبد السلام في عهد حكم بيبرس، ويُقال إن فيه حوالي 400 صحابي مدفونين في قباب في نفس المنطقة. ده غير إن المساحة الأصلية للمكان قلت وبحسب بعض الشهادات استولى بعض الأهالي على أراضي من أصل المساحة بوضع اليد.

المبنى على حسب كلام د. سعاد محمد في كتابها “مساجد مصر وأولياؤها الصالحون” واللي اتكتب من حوالي 50 سنة في حالة خربة، هي وصفته كده وتقريبًا كان له ملامح أكثر من اللي موجودة دلوقتي بصنفته إنه من العصر الأيوبي. بتدخل المقام وتلاحظ إن اليافطة هي أجدد حاجة فيه، لأن حتى الباب مسنود من فوق بخشب ساندة الحجارة، المقام عليه ملاية خضرا فوقيها أحجار متكسرة، مش قادرين نحدد هي من أحجار المقام نفسه ولا المبنى، وفي وش الباب الحيطة فيها زي محرابين تجويف بداخلها على شكل نص دائرة زي اللي بيتعمل في المسجد ليدل على القبلة.

 

وعلى اليمين والشمال فيه بابين (لكن الزمن وقع أجزاء منهم) المفروض إنهم كانوا بيدخلوا على القباب لكن ملامحهم شبه أختفت.

 

الغريب إنك بمجرد ما تقف في الضلة أو تحت الباب تحس بسكينة عظيمة، والهواء جميل كأنك في مكان تاني غير القاهرة بزحمتها وترابها، حتة من الجنة مهملة، قربت تتهد، مافيش أي جهود مبذولة من وزارة الآثار لترميمها أو حمايتها من الإنهيار.

يمكن ده ناتج إن مافيش وعي كبير بمين هو الشيخ العز بن عبد السلام، وعلشان كده هنحكي لكم شوية بسيطة عنه يمكن الناس تعرف والوزارة تتحرك.

 

 

مين هو عز الرجال؟

” عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن حسن بن محمد بن مهذب السُلمي المُضري” الدمشقي المولد، المصري وفاةً، الشافعي المذهب. من ألقابه سلطان العلماء، وعز الدين وبائع الملوك وبن عبد السلام.

الشيخ العز بن عبد السلام بدأ في طلب العلم من صغره، وكان في دمشق وبعد مشاكل مع السلطان في الوقت ده لخلاف كبير سافر الشيخ بن عبد السلام لبيت المقدس ومنه لمصر.

وله مواقف تثبت نبله وحرصه على الحق في أكتر من موقف.

لما حاول السلطان يرجع سلطان العلماء لمكانته ومجلسه وبعت له رسول علشان يقبل شروطه، ولو ماقبلش يعتقله وقال له أنا مافيش بينه وبين أنه يسترد مكانته هناك إلا أنه يقبل يد السلطان بس وينكسر له، فما كان رد الشيخ للرسول إلا عزة وحزم وقاله :”والله يا مسكين ما أرضاه أن يُقبل يدي فضلًا أن أقبل يده، يا قوم أنتم في وادٍ وأنا في وادٍ، والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به”.

وانتقل عز الرجال لمصر وكان قريب من الحكام في الوقت ده ومافيش حاكم يقدر يخالفه أو يزعله لمكانته وتعلق الناس بيه  لدرجة إنه لما عرف الشيخ بن عبد السلام إن فيه أمراء أتراك من المماليك مالاقاش ليهم ورق يثبت حريتهم وأنهم لسه عبيد لبيت مال المسلمين، قوم الدنيا ومارضيش إلا أنهم يتباعوا في ميدان عام والفلوس ترجع لبيت المال، ولما رفض الأمراء قرر الشيخ عز الرجال أنه يرحل هو وأهله تاني، وخرج وراه أهالي مصر ثم الوالي، وفعلًا تم بيع الأمراء في ميدان عام ومن بعدها لُقب الشيخ بن عبد السلام ببائع الأمراء.

 

 

كمان معروف عن الشيخ عز الرجال أنه كان ملازم للجيش وقت الحرب، ويُروى إن لما جيه هجوم التتار وماكنش فيه فلوس في البلد للحرب والوالي كان عاوز يفرض ضرائب، أقترح الشيخ بن عبد السلام إنه يجمع الدهب والمصوغات بتاعة الأمراء ونسائهم، وهو هيضمن لهم النصر، وفعلًا قد كان.  مواقف كثيرة بتثبت إخلاص وحرص الشيخ العز بن عبد السلام على الدين والحق، ويُقال إنه كان بيراعي بنفسه مساجد الصالحين والأولياء، فإزاي يكون ده حال مقامه، اللي برغم إهمال الدولة ليه إلا أنه ما زال جميل في عيون المحبين، ومليان سكينة وخير.

ساعات بنتخيل إن لو كان شخص زي الشيخ العز بن عبد السلام موجود دلوقتي، مستحيل كان يقبل باللي بيحصل وماكنش هيسكت إلا لما يصحح الأوضاع، يمكن حال مقامه دلوتي بيعبر عن الحالة اللي وصلنا لها!

لكن الأكيد إن صاحب المقام في غنى عن أي تجديدات ولكن إحنا اللي في حاجة إن مكان زي ده يتجدد ويزوره السياح ويعرفوا إن لما الصليبين والتتار حاولوا يغزوا مصر وقف لهم بن عبد السلام بالعلم والحق وإصلاح الداخل قبل الخارج.