The Definitive Guide to Living in the Capital , Cairo , Egypt

فن وثقافة -
مقترح

من هوليوود إلى الجيزة: المصريون القدماء بين السينما العالمية والمتحف المصري الكبير

Grand Egyptian Museum أهرامات الجيزة التاريخ المصري الحضارة المصرية القديمة السينما والهوليوود المتاحف في مصر المتحف المصري الكبير توت عنخ آمون رمسيس الثاني قدماء المصريين
من هوليوود إلى الجيزة: المصريون القدماء بين السينما العالمية والمتحف المصري الكبير
بواسطة
Cairo 360

محمد البدري

فيه مشهد بيحصل قدامنا اليومين دول يستحق يكون بداية فيلم عظيم؛ شمس بتطلع على أهرامات الجيزة، وعلى بعد خطوات بيقف مبنى زجاجي ضخم كأنه جاي من المستقبل… ده المتحف المصري الكبير. بعد سنين من الانتظار، مصر خلاص على وشك تفتح أضخم متحف أثري في العالم، في لحظة ممكن نعتبرها واحدة من أعظم مشاهد افتتاح المتاحف في تاريخ الحضارة.

لكن قبل ما الأبواب تتفتح، لازم نسأل نفسنا سؤال بسيط: هو العالم كان شايف مصر إزاي طول السنين دي؟

الجواب مش في كتب التاريخ… لكن في السينما.

 

من “المومياء” إلى “كليوباترا”: هوليوود وحلم قدماء المصريين

من أول ما السينما اكتشفت الأهرامات، وهي مبهورة بالحضارة المصرية القديمة. يمكن البداية كانت سنة 1932 مع فيلم The Mummy، واللي رجع تاني في نسخة التسعينيات الشهيرة من إخراج ستيفن سومرز وبطولة بريندان فريزر وريتشل وايز. الفيلم ده خلى العالم يشوف مصر كأرض مليانة أسرار ولعنات ومغامرات. قبور مفتوحة، مومياء بتصحى، وصحفيين أجانب بيحاولوا ينقذوا العالم من قوة خارقة خرجت من رمال الصحراء. كان فيلم ممتع ومليان أكشن، بس الصورة اللي رسمها كانت خيالية أكتر منها واقعية.

أما فيلم Cleopatra سنة 1963، إخراج جوزيف مانكيفيتش وبطولة إليزابيث تايلور وريتشارد بيرتون، فكان نسخة تانية تمامًا. ديكورات فخمة، ملابس ملوكية، ومشاهد ملحمية بتجمع بين السياسة والحب والدراما. مصر هنا كانت بطلة مأساة كلاسيكية، فيها جمال وسلطة ومخاطر، زي ما السينما بتحب دايمًا تضفي حالة من التشويق والإثارة على كل حاجة.

بعد كده، هوليوود رجعت تقدم مصر القديمة من زاوية جديدة في Exodus: Gods and Kings سنة 2014، من إخراج ريدلي سكوت وبطولة كريستيان بيل وجويل إدجرتون. المرة دي مصر اتصورت كإمبراطورية ضخمة وسط صراع ديني وملحمي، والمؤثرات البصرية كانت هي البطل الحقيقي. كل ده جميل بصريًا، لكن برضه بيقدم مصر من منظور غربي شايفها “أسطورة”، مش حضارة حقيقية عايشة لحد النهارده.

المتحف المصري الكبير: فيلم واقعي عن حضارة مصر الحقيقية

وهنا بييجي الدور الحقيقي للمتحف المصري الكبير، أو زي ما بيتقال عليه بالإنجليزية Grand Egyptian Museum. المتحف ده مش مجرد مكان للعرض، ده عمل سينمائي حي، بس من غير مخرج أو مؤثرات… لأن البطولة كلها للتاريخ نفسه.

المتحف اتعمل على مساحة ضخمة قرب أهرامات الجيزة، على بعد حوالي كيلومترين منهم، في موقع عبقري بيخلي كل زائر يشوف الأهرامات كخلفية طبيعية. التصميم اللي فازت بيه شركة Heneghan Peng الأيرلندية جاي بانسيابية مدهشة: خطوط حديثة بتتماشى مع الزوايا الحجرية القديمة.

جوه المتحف، فيه أكتر من 100 ألف قطعة أثرية من فترات مختلفة؛ من عصور ما قبل الأسرات لحد العصر الروماني. أبرزهم طبعًا كنوز الملك توت عنخ آمون، واللي هتتعرض لأول مرة بشكل كامل، بجانب تمثال رمسيس الثاني اللي بيستقبل الزوار في البهو الرئيسي، واقف كأنه بيفتتح العرض بنفسه.

الهدف مش بس عرض الآثار، لكن تقديم قصة متكاملة عن الإنسان المصري عبر العصور، كأن المتحف نفسه بيحكي فيلم عن تطور الحضارة في واحدة من أقدم الحضارات على الأرض.

الخيال في مواجهة الواقع

السينما دايمًا بتحب الدراما، لكن المتحف بيحب الحقيقة. الأفلام استخدمت مصر كمسرح ضخم للمغامرة، إنما المتحف بيعيد الكاميرا لمصر نفسها. بدل ما يشوف الزائر مقبرة مظلمة فيها مومياء خارقة، هيشوف علم دقيق بيشرح إزاي المصريون القدماء قدروا يحافظوا على أجسادهم آلاف السنين. بدل لعنة الفراعنة، هيلاقي عبقرية قدماء المصريين.

في The Mummy مثلًا، المشهد الأشهر كان اكتشاف مقبرة فرعونية غامضة. في المتحف، المشهد الحقيقي بيحصل قدامك وأنت بتشوف التابوت الأصلي للملك، محطوط بإضاءة مدروسة، وكل تفاصيله بتتشرح بهدوء.

وفي Cleopatra، السينما خلت الحكم والصراعات العاطفية محور القصة. لكن في المتحف، المعروضات هتخليك تشوف الجانب التاني من الملكة: المثقفة، السياسية، والرمز اللي مثّل مصر القديمة في لحظاتها الأخيرة من المجد.

مصر.. بطولة مطلقة

الفرق بين المتحف والسينما إن الأول بيعرض القصة كما كانت، والتانية بتعيد كتابتها على طريقتها. لكن اللحظة اللي هنعيشها مع افتتاح المتحف المصري الكبير، هي المرة الأولى اللي العالم كله هيشوف فيها مصر الحقيقية من خلال عدسة مصرية.

المتحف ده مش بس مشروع سياحي أو معماري ضخم، ده استعادة لحقنا في رواية قصتنا. بطريقتنا وبوجهة نظرنا.

اللي اتقال في هوليوود كان الخيال، لكن اللي بيتقال في الجيزة هو الحقيقة، اللي بتثبت لنا يوم بعد يوم إنها أحلى وأعقد وأجمل من الخيال.

النهاية… أو يمكن البداية

في مشهد النهاية من The Mummy، الكاميرا كانت بتطير فوق الصحراء والكنز بيرجع مكانه. في الحقيقة، الكنز عمره ما راح. هو كان مستني لحظة زي دي… لحظة المتحف المصري الكبير.

دلوقتي، لما الشمس تطلع على تمثال رمسيس، والبوابات تتفتح، هيبدأ الفيلم الحقيقي. فيلم ملوش بطل واحد، لأن بطله هو حضارة كاملة، ولسه قصتها مستمرة. حضارة اسمها مصر!

مقترح