The Definitive Guide to Living in the Capital , Cairo , Egypt

الحياة في كايرو

محمود: بيبيع الضحك للمصريين ببلاش!

محمود: بيبيع الضحك للمصريين ببلاش!
بواسطة
Omar Mossad

"تصدق بالله .. أنا بقالي أربع أيام ما حدش ضحك في وشي!"
في مواقف كده مش بنبقى مستنيينها ولا عاملين حسابها، بتيجي تشقلب حياتنا، وتشاور لنا على دور عظيم نقدر نقوم بيه في حياتنا، وبتشيل الضباب عن السكة اللي كنا ماشيين فيها وماحناش شايفينها..
وبطل قصتنا كانت دي الجملة اللي فتحتله الطريق.. في يوم عادي من أيام الأسبوع اللي بقت كأنها يوم واحد ومتاخد "كوبي-بيست" من كتر ما هي شبه بعضها، وهو راكب المترو في طريقه للشغل راح راجل كبير في السن سأله على الساعة.. رد عليه بابتسامة عريضة: "ستة ونص يا حاج".. الراجل زي ما يكون شاف عجيبة جديدة من عجايب الدنيا السبعة، وقاله الجملة المأساوية اللي بدأنا بيها موضوعنا!
أربع أيام أكيد كان بيقابل فيهم أهله وأصحابه وزمايله في الشغل وجيرانه وناس غريبة عنه.. عدد كبير جدًا من البشر أكيد، ما شافش من حد فيهم ضحكة!

"محمود محسن" بطل حكايتنا هو شاب مصري في منتصف العشرينات، خريج تربية رياضية، شغال أخصائي تأهيل حركي ومدرب سباحة.. حياته ماشية على وتيرة هادية نسبيًا زيه زي أي شاب في نفس السن ده، الفرق أنه دايمًا في ناس بتبقى مستعدة للتغيير أكتر بكتير من غيرها، فأول ما بييجي الموقف اللي بيشاور على السكة هتلاقي المستعد بس هو اللي انطلق.. ومحمود واضح أنه كان مستعد بزيادة.. أول ما حصل معاه الموقف بتاع عم الحاج اللي اشتكا له من أن الناس ما عادتش بتضحك في وش بعضها، قرر محمود أنه يملى المساحة الفاضية دي، ويشتغل "بياع ضحك!"

وزي أي شغلانة في بدايتها ما بكتونش سهلة، بتحط رجلك فيها الأول بحذر وحساسية، لحد ما تاخد على الوضع وبعدين بتدوس.. بدأ محمود الشغلانة برأس مال بسيط خالص، شوية ورق مدور صغير مرسوم عليهم "سمايلي فيس"، بالإضافة لروحه الحلوة، وابتسامته العريضة، وبس!
وقرر أنه كل يوم وهو رايح الشغل هينزل يوزع راس المال ده على الناس ويطلب منهم أنهم يشاركوه الشغلانة.. هيديهم ورقة عليها وش بيبتسم، ويقول لهم كلمتين حلوين، ويضحك في وشهم، ويوصيهم أنهم يضحكوا في وش اللي يقابلوه، وبدأت الشغلانة تلم والمجال يوسع، وجزء من روح "محمود" الحلوة تتنقل لكل حد بيكلمه أو بيقابله في يومه!
مع الوقت محمود بدأ يثبت نفسه في الشغلانة، وبقت جزء من حياته اليومية، وعلشان نكون أدق: بقت هي الجزء الأهم في حياته اليومية.. في كلامه معانا قال: "الموضوع مابقاش شيء بعمله وقت ما يكون رايق ومزاجي يسمح.. لأ الموضوع بقى مسؤولية يومية أنا شايلها وحاسس بيها تجاه كل الناس اللي أنا هقابلهم النهارده، اللي هما بالمناسبة يعني ما عرفهمش ولا يعرفوني"! .. لدرجة أنه بقى بينزل مخصوص أيام أجازته من شغله علشان ياخد رحلة المترو رايح جاي يقوم فيها بالدور ده! وقال لنا كده بالنص: "ده خلاص بقى شغلي الحقيقي" !
وقال لنا كمان أنه رحلة شغله اليومية بتكون ما بين عزبة النخل وحدايق المعادي، لكنه ساعات بياخد رحلة المترو لآخرها لحد محطة حلوان علشان بس يبسط عدد أكبر من الناس! وبعدها يرجع الشوية اللي مشيهم زيادة دول.. ولما سألناه عن السبب اللي مخليه يكمل في السكة دي قال أنه دي الحاجة اللي بتديله طاقة تخليه قادر يمارس بقية أنشطته في الحياة وهو راضي وسعيد، لأنه حاسس أنه بيأثر في غيره وبيديهم أمل وانبساط وحب للحياة.. أما عن ردود فعل الناس معاه فكانت مشجعة جدًا وإن كان بيقابل بعض السلبيين من وقت للتاني لكنه قال: "أكيد مش هسمح لنسبة قليلة جدًا من ناس مش شايفة قيمة الضحكة أنها تخليني أبطّل ابسط ناس كتير جدًا جدًا غيرهم مستنيين حد يبسطهم وبيعرفوا يقدّروا قيمة السعادة مهما كانت الظروف" ! وقال أنه اللي بيديه حماس أكتر للاستمرار هو أنه لما حد بيقول كلام سلبي بيقوم الناس هما اللي يردوا عليه وما بيسيبوش محمود يرد بنفسه.. قال أن ده دايمًا بيحسسه أد إيه الناس فعلًا شايفين أنه بيعمل حاجة مهمة وحلوة.. ووسط كلامه حكى "محمود" حكاية طريفة جدًا عن عسكري أمن مرة قابله في المترو وافتكره حد من الباعة الجائلين فطلب منه أنه يسكت وما يضايقش الناس، قام محمود قعد يتكلم معاه وشرحله الفكرة، فالعسكري ركب معاه المترو من جمال عبدالناصر لحدايق المعادي وشاركه الكلام عن اللي بيعمله وكان مبسوط جدًا!

مع الوقت محمود مابقاش بيقتصر على رحلته من وإلى شغله وبس، بدأ كمان يرتب إيفينتات في الشارع وينزل يجرب الموضوع مع الناس، وتجربته الأولى كانت في شارع المعز وكانت تجربة مميزة جدًا بالنسباله وقال أنه حضر فيها أكتر من ألفين شخص!

في ختام الحكاية عايزين نقول أنه الحياة اختبار صعب، ومعطيات الاختبار ده كتيرة جدًا، الأشخاص والمواقف والخواطر والمشاعر والأفكار والتجارب وكل حاجة بتعدي علينا أو بنعدي عليها هي مجرد معطى زي غيرها..
ولازم ندرك أن إحنا كمان بنمثل معطيات بالنسبة لغيرنا! فربنا يجعلنا دايمًا من نوع المعطيات البسيطة المباشرة اللي بتسهل على الناس امتحانها، مش من العطيات السخيفة المربكة اللي محطوطة علشان تلخبط وتتوّه!

مقترح