مصر الجديدة
مصر الجديدة البوابة الشرقية للقاهرة وأحد أرقى أحياء العاصمة، مساحتها كبيرة وحدودها بـ تمس أحياء ومجاورات كثيرة منها: الزيتون وسراي القبة ومدينة نصر والعباسية، مقسمة لميادين وكل صينية ميدان متفرع منها شوارع بـ توصل لميدان ثاني بشكل دائري متميز يقلل من احتمالات الاختناقات المرورية، اللي بـ تحصل طبعًا رغم كل شيء.
خطط أراضيها ورسمها باقتدار المعماري البلجيكي البارون إدوارد إمبان سنة 1906 وطلب يتم دفنه على أرضها وفعلًا توفي سنة 1929 في بلجيكا وتم دفنه حسب رغبته في كنيسة البازليك في قلب الحي. وتميزت المباني الأولى للحي الموجودة في شوارع إبراهيم اللقاني والأهرام والكوربة بالطراز الكلاسيكي الفخم، وبـ يتم التقاط الصور للعمارات كتحف فنية حقيقية، وتعتبر طوابي وبواكي شارع إبراهيم اللقاني الوحيدة والفريدة في شكلها في القاهرة، وقام البارون بتشييد قصره المهيب على حدود الحي الجديد من الناحية الشرقية اللي معروف باسم "قصر البارون" الموجود على طريق صلاح سالم.
سهل جدًا توصل مصر الجديدة بالمواصلات العامة زي أتوبيسات النقل العام اللي لها مواقف في ميدان روكسي وميدان الحجاز ومساكن شيراتون عند كلية البنات في شارع الميرغني، والميكروباصات اللي بـ تتحرك من كل الميادين الكبرى في القاهرة وبـ تمر في رحلتها بميادين سفير والمحكمة وميدان الإسماعيلية والجلاء وهليوبوليس.
وأقرب محطات مترو الأنفاق هي محطات سراي القبة وحمامات القبة الموجودة في منشية البكري التابعة لمصر الجديدة، وقريب هـ يتم افتتاح محطة مترو من المرحلة الثالثة في قلب مصر الجديدة في شارع الميرغني وهي محطة كلية البنات. وما ننساش طبعًا الترام العريق الشهير بمترو مصر الجديدة اللي بـ ينطلق من مواقف في شارع عبد العزيز فهمي والميرغني وألماظة باتجاه وسط البلد وبالتحديد ميدان رمسيس وميدان المطرية والسواح. ورغم أن الترام ده قديم ومتهالك إلا أنه يعتبر من العلامات المميزة للحي الراقي.
ويكفي أن طريق صلاح سالم بـ يخترق الحي من أول شارع الطيران لحد مطار القاهرة الدولي، وده بـ يسهل الوصول لأي مكان فيه لو معاك عربية.
الفسحة والتمشية في شوارع هليوبوليس متعة، لو عاوز زحمة وناس كثير حولك وأضواء محلات ورائحة شاورما وثلاجات آيس كريم وبائعين على الرصيف هـ تلاقي ده في ميدان روكسي وشارع هارون الرشيد وميدان الجامع وميدان صلاح الدين، لو عاوز شارع هادئ تستمتع فيه بالمعمار المذهل والقصور العملاقة والحدائق المنمقة وما تسمعش حاجة غير صرير الحشرات الليلية وما تشوفش غير أضواء خافتة من أعلى أعمدة الإنارة الصفراء يبقى عليك وعلى الشوارع الجانبية في الكوربة وأرض الجولف.
فيه عدد كبير من المراكز التجارية وساحات الطعام في مناطق متفرقة في هليوبوليس، أشهرها مول "سيتي ستارز" أو "ستارز سنتر" في شارع عمر بن الخطاب واللي بـ يطلق عليه عاصمة القاهرة، وهو فعلاً كده، مافيش مطعم أو محل ملابس أو إلكترونيات شهير إلا وله فرع داخل الصرح الكبير.
وفي شارع الأهرام فيه الحرية مول أول مركز تجاري يفتح في مصر، وفلوريدا مول في مساكن شيراتون وفي نفس المنطقة بالقرب من مطار القاهرة الدولي فيه ساحة طعام «أواسيس»، وفي ميدان ألماظة بالقرب من موقف السوبرﭼيت ساحة طعام «تيـﭭولي دوم» واللي دخلت موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر ساحة طعام في العالم سنة 2011.
كثير من مشاهير الفن والأدب والسياسة عاشوا في مصر الجديدة أشهرهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اللي عاش طول فترة حكمه في بيته في منطقة منشية البكري، وأدباء زي عباس العقاد وبنت الشاطئ وفنانين زي رشدي أباظة وعبد المنعم مدبولي وليلى علوي ونجلاء فتحي، وعدد كبير من المخرجين والروائيين، فمصر الجديدة كانت ملهمة لعدد كبير من الفنانين والمبدعين اللي كتبوا روايات وأخرجوا أفلام عنها، أشهرها أفلام «ضحك ولعب وجد وحب» لطارق التلمساني أحد أبناء الحي اللي كانت أحداثه بـ تدور في نهاية الستينيات عن أحداث حقيقية حصلت في مصر الجديدة، وشفنا مشاهد جميلة للحي في الخمسينيات بكاميرا صلاح أبو سيف في فيلم «الوسادة الخالية» وأفلام «في شقة مصر الجديدة» و«أحلام هند وكاميليا» لمحمد خان، وفيلم «هليوبوليس» لأحمد عبد الله. ولاحظنا في كل الأعمال الفنية الخاصة بمصر الجديدة ولع الفنانين بشوارع الحي ومعماره وكونها نموذج حقيقي لمصر بشكلها الجديد الحضاري مع احتفاظها بالطابع المحافظ الارستقراطي. وهي فعلًا معادلة صعبة مافيش حي يقدر يحققها إلا مصر الجديدة بخصوصيتها الشديدة وشخصيتها الفريدة.
هنا فنادق "راديسون بلو" و"السلام كونكورد" و"أنتركونتنينتال" و"فيرمونت"، ودور سينما في كل شارع رئيسي تقريبًا، نورماندي وروكسي وهليوبوليس وداخل كل مول ذكرناه، نوادي رياضية واجتماعية كثيرة أهمها نادي الشمس وهليوليدو وهليوبوليس والغابة والطيران، وعدد من فنادق ونوادي القوات المسلحة وما فيها من قاعات أفراح. وأحد أهم معالم الحي هو حديقة المريلاند بشارع الحجاز اللي كانت الخروجة الأجمل لسكان العاصمة في السبعينيات والثمانينات ومعاها ملاهي السندباد بمنطقة النزهة. مستشفيات كبيرة زي النزهة الدولي والقاهرة التخصصي وهليوبوليس وعدد من المساجد المعاصرة والكنائس التاريخية والمدارس الفرنسية والإنجليزية.
مصر الجديدة دائمًا عشق سكانها وسكان المناطق القريبة منها في شرق وشمال القاهرة، لدرجة جعلت بعض الناس يطلقوا عليها "جمهورية مصر الجديدة المستقلة" تأكيدًا على تفردها وطلبًا لمزيد من التميز.