The Definitive Guide to Living in the Capital , Cairo , Egypt

كتب
دوار البر

دوار البر: تضيء الزوايا المعتمة

  • رانيا هلال
  • من الآن
  • عربي عربي
  • 15 جم
  • مكتبة ألف وأبجدية وعمر بوك ستورز
تم التقييم بواسطة
Samah Nageh
قيم
قيم الآن
دوار البر: تضيء الزوايا المعتمة
“دوار البر” مجموعة قصصية للقاصة رانيا هلال، بـ تتكون المجموعة من 15 قصة قصيرة. من عنوان المجموعة بـ يتضح أن القاصة بـ تقدم رؤية مغايرة للأشياء وكأنها بـ تعلن عن رفضها للانطباعات الثابتة من البداية.

بـ تبدأ رانيا المجموعة بقصة “شاى بالنعناع الأخضر” ومن عنوان القصة يُخَيّل للقارىء أنه هـ يقرأ قصة بـ تعبر عن شىء شديد الخصوصية بالنسبة للقاصة، لكن بعد سطور قليلة بـ ينهار التخيل ده وبـ نتفاجىء أن رانيا بـ تتكلم عن عالم خارجها تمامًا ولكنه استفز حاسة التأمل اللى بـ تكون موجودة عند المبدع وبـ تقدم بلغة بسيطة رؤية خاصة للعالم ده حتى أنها اخترقت تفاصيل دقيقة جدًا وبدأت تتعقب التفاصيل دى وتأثيرها فى نفوس أبطال القصة وكأنها بـ تحاول تكتشف الخريطة النفسية لفئة معينة من الناس بـ نعيش معاهم لكن للأسف بـ نهمش دورهم فى حياتنا وبـ يتضح تأمل القاصة فى جزء مهم من القصة بـ تقول فيه: “امتلأت الحجرة الصغيرة عن آخرها بالأوانى الفخارية مختلفة الأشكال والأحجام، متقنة الصنع. انتبهت إلى أن الفرن الطينى ما يزال ساخنًا على أثر حرق أوانى الأمس فيه، فبدلت مكانها وانزوت فى أحدى زوايا الغرفة تحيط بها الأوانى الفخارية من كل اتجاه حيث لن يلحظ وجودها أحد حتى هو”. ولما نقرأ المجموعة بالكامل نحس أن النص ده فعلاً هو البوابة الحقيقية للمجموعة.

وزى ما رانيا قدرت تخترق التفاصيل الدقيقة، قدرت كمان ترصد اختراق الأشياء للإنسان وده طبعًا مغاير للمعتاد لأن فى العادى الإنسان هو اللى بـ يرتبط بالأشياء اللى بـ تمثل له ذكرى معينة أو منفعة، لكن رانيا أضاءت زوايا مظلمة فى الاتجاه ده من الكتابة ورسمت المشاهد اللى بـ تعبر عن العلاقة الندية أو الحميمية أحيانًا بين الإنسان والأشياء، وقصة “ثنائى” من أكثر نصوص المجموعة اللى بـ تعبر عن العلاقة دى فبـ تقول رانيا وهى بـ توصف العلاقة بين عامل النظافة ومقشته: “جذب يدها، أسندها إلى ظهره وأطبق بيده الأخرى على كوب الشاى. هى أبدًا لا تمانع سيرها معه يوميًا ممشطين الطريق ذهابًا وإيابًا وكأنهما يخشيان عليها من روادها”.  وهـ نلاحظ فى كل نصوص المجموعة بساطة اللغة وده بـ يتناسب مع الفئات المجتمعية اللى بـ تعبر عنها، وفى نفس الوقت اللغة بعيدة عن الركاكة.
ونفس الحال بالنسبة للتصوير فلا وجود للصور المعقدة أو الخيال المتشابك. وفى “دوار البر” الأبطال مش الأشخاص والمكان واللغة والأحداث بس، ده فيه بطل مهم جدًا وهو المشاهد السينمائية اللى رسمتها رانيا فى القصص بحرفية عالية وفى رأينا أن المشاهد دى هى اللى بـ تفتح مساحة من التفاعل بين القصص والقارىء لأنها بـ تكسر حدة الملل فى القراءة وبـ تخلينا ندخل داخل النص بخيالنا.
وده بـ يتضح فى معظم نصوص المجموعة، فمثلاً رانيا بـ تقول فى نص “مناديل الورد”: “بخبرة محترف يعرف كيف يتحكم بملامح وجهه الملطخة بغبار الطرق، يجلس بجانب المطعم الشهير منزويًا فى أحدى الزوايا الملاصقة لمكب النفايات، راسمًا على وجهه نظرة أسى وهو ينظر للطعام من وراء زجاج المطعم باشتهاء وللمارة بتسول ورجاء”.
امتلاك رانيا للكثير من أدوات التأثير فى المتلقى بـ يخلى المجموعة إشارة مرور للمشاعر وهى اللى بـ تسمح بمرور انفعالات معينة وتوقف أخرى. يعنى ممكن نقول أن “دوار البر” كماشة اللى بـ يفتح أول نص مش هـ يسيبها إلا فى آخر نص. ولا شك أنها هـ تسيب آثارها. وساعتها بـ يكون تحقق الهدف من الكتابة.
فى النهاية المجموعة تحمل كثير من النبل فى التعبير عن فئات مهمشة داخل المجتمع وحاولت القاصة طوال القصص الـ 15 أنها تخترق مشاعرهم بهدف الكشف عن الجوانب المظلمة فى حياتهم بالنسبة لنا ومن الممتع والنبيل أنها حافظت على الصورة العامة للفئات دى حتى أنها ما قالتش على لسان الأبطال أى ألفاظ سطحية أو مسيئة وده زاد من الإمتاع فى القصص.

عجبك ؟ جرب

"خروج" للقاصة سلمى صلاح.

عن الكاتب

رانيا هلال تخرجت فى كلية الآداب جامعة القاهرة تعمل صحفية فى مجلة روزاليوسف، وتعمل فى إدارة المشاريع الثقافية، ولها مجموعة قصصية أخرى تحت الطبع.

أكتب تقييم

أضف تعليقاً

يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.

مقترح