مش معنى أنى صاحب قضية وصاحب فكر معين عاوز أوصله للناس أنى اختار طريقة غلط أو مش مناسبة لتوصيل الرسالة لمجرد أنى أقول رأيى والسلام.. ده اللى عمله “محمد سنجر” فى اختياره لفن القصة القصيرة لتوصيل رسالته للعالم عن الإسلام والمسلمين عن طريق جرعة مباشرة ومكثفة من انتقاد التصرفات السلبية للمسلمين اللى تسببت فى تشويه صورته أمام الغرب مثلاً، وبرضه انتقادات مكثفة للفكر الغربى المعادى للإسلام. الأزمة مش فى كل ده، لكن فى خروج طريقة الكتابة دى عن حرفية النص القصصى واقترابها جدًا من شكل المقال بالإضافة إلى أن كل القصص تقريبًا فيها جمل اعتراضية زى “حسبى الله ونعم الوكيل” و”استغفر الله العظيم” بشكل مكثف يكسر السياق الدرامى وكأن الكاتب متعمد يقدم المادة الدينية بشكلها المجرد، وأن وجودها فى شكل قصة مجرد إطار للعرض ممكن يكون “سوقه ماشى” عن سوق المقالات والخطب الوعظية المباشرة. ولكن رأينا أن تقديمها فى شكلها المجرد كخطب وعظية كان أنسب بكثير خاصة أن القارئ لها فى شكل القصة مش هـ يبقى عارف الأحداث والحوارات اللى دارت بين شخصيات القصص دى حصلت فعلاً ولا من خيال المؤلف، بل على العكس جايز لو تم تقديمها فى شكل مقالات هـ يأخذها القارئ بجدية أكثر وهـ يفكر فيها بجد، إنما فى شكل القصة هـ يشك أن المؤلف كتبها فقط للتأثير على القارئ.
ومثال على كده قصة “ألسنة شيطانية” اللى بـ يقول فيها المسلم ردًا على غير المسلم: “بل أنتم عبيد شهواتكم الحيوانية، يا لكم من حمقى تستعجلون إشباعها بالمتعة الزائلة التى لا تلبث أن تنتهى فـ تنكشفون أمام أنفسكم أنكم ما كنتم إلا متبعى سراب”، وقصة “هداية” اللى بـ تدور حول رجل بـ يجمع القمامة وبطل القصة راقبه لحد ما عرف أنه كان طبال فى شارع الهرم وتاب وبقى بـ يجمع قصاصات الورق اللى عليها لفظ الجلالة وبـ تنتهى القصة بجملة “ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء”، والقصة اللى تم تسميتها على اسم المجموعة “رسالة من زرقاء اليمامة” قصة غرائبية إلى حد ما بـ تتكلم عن ناس مستعبدين بـ يجروا عربات عليها بعض العسكريين بـ نكتشف مع الأحداث أنهم يهود مسخرين المسلمين للبحث عن الهيكل المزعوم ويُفاجأ أحد الآباء بابنه من ضمن المُسخَّرين وهنا بقى بـ يختم الكاتب القصة كالتالى: “ماذا فعلتم أيها الآباء، فأبناؤكم يستصرخونكم يرفعون أكفهم كل ضربة سوط يدعون عليكم فقد أورثتموهم الذل والعبودية، نعم يا من تغطون فى العسل تتضاحكون تتلذذون بالنساء والطعام والشراب وفى آخر الليل تنامون ملء جفونكم.. فوالله إنكم لمسؤولون”.
غلاف المجموعة للأستاذ إسلام جاويش لكن نعتقد أنه غير مناسب من ناحيتين: الأولى أنه ما عبرش من بعيد أو من قريب عن محتوى المجموعة بالإضافة إلى أنه اكتفى بتصوير “يمامة زرقاء” وده هـ يجعل بعض الناس تظن خطأ أن شخصية زرقاء اليمامة المعروفة تاريخيًا لها علاقة باليمام الأزرق أو المتسبب فى التسمية وده طبعًا مش صحيح.
مهم جدًا أن الكاتب والمفكر يكون صاحب قضية لكن عرض القضية بشكل مباشر كده هـ يبقى مناسب أكثر فى إطار مقالى لتوضيح وجهة النظر بدقة واستفاضة، وإذا تم وضع المقالات فى نصابها الصحيح هـ تكون اكتملت رسالتها لأنها فعلاً واضحة ومهمة جدًا.