The Definitive Guide to Living in the Capital , Cairo , Egypt

الحياة في كايرو

محمد سامي: رحلة شاب قاهري من الهندسة للفلسفة والدين

محمد سامي: رحلة شاب قاهري من الهندسة للفلسفة والدين
بواسطة
Nagla Ashraf

في الفترة الأخيرة بدأت تتنشر بعض المفاهيم زي البحث عن الذات وتغيير مسار العمل وأنك تشتغل اللي بتحبه، وبدأ يدور كثير من الناس على إجابات لأسئلة زي هم عايشين ليه؟ وإيه دورهم في الحياة؟ وهل هم بيدرسوا أو بيشتغلوا اللي بيحبوه ولا لأ؟ وليه هم مش سعداء بحياتهم؟ أسئلة كتيرة إجاباتها محفورة جوه قلب كل واحد لسه بيدور على طريقه، ورافض أنه يعيش ويموت من غير ما يعمل حاجة، الحاجة اللي تخليه عايش وهو مبسوط بكل يوم بيمر عليه لأنه مش بيعدي زي عدمه.

بدأ بعض الشباب يدرسوا اللي بيحبوه ويعملوا مشاريعهم الخاصة ويتحدوا صعاب كتير علشان يوصلوا لأحلامهم، وما بين استغراب الناس في الأول وتشجيعهم في الآخر بيطلع من بين الصخور بذور صغيرة لشخصيات ناجحة بتعرف هي عاوزة إيه وتصمم تقضي كل نفس من حياتها وهي بتحاول توصل له.

ومن الناس دي محمد سامي اللي دور كتير قوي قبل ما يوصل لحقيقة سعادته، زي كتير مننا. وغير مسار دراسته من الهندسة للاقتصاد للدراسات الإسلامية واللي استقر منها في عالم الفلسفة، علشان يلاقي دوره في الحياة، لحد ما ربنا رتب أقداره وأشتغل في مؤسسة طابة للأبحاث والاستشارات اللي مشرف عليها الحبيب علي الجفري ولقى نفسه أخيرًا.

 

من الهندسة للفلسفة سكة الألف فكرة

“عيلتي كلها دكاترة، ومن صغري كنت عاوز أطلع دكتور، بس  مع الوقت اكتشفت إن دي ماكنتش سكتي، وماكنش قدامي غير إني أدخل هندسة في الجامعة الأمريكية برغم عدم حبي ليها، لأنها الحاجة الوحيدة المقبولة  لعيلتي بعد الطب، وماكنتش ماشي فيها لدرجة إني بعد سنة ضيعت منحة التفوق اللي كنت داخل بيها والسنة اللي بعدها كنت على وشك التهديد بالرفد، لحد ما قررت أسيبها وأدخل اقتصاد في 2011 “الثورة”، كنت متأثر ساعتها بفكر د. جلال أمين، والثورة غيرت كتير جوايا فقررت إني لازم أتعلم اللي يساعدنا نتخلص من الفقر وبعد أربع شهور بالظبط نفذت قراري.” بدأ سامي يحكي حكايته وهو بيعرضها كأنها قطع للوحة معالمها لسه مش واضحة لكن جمال ألونها يشد إنتباهك.

محمد سامي مع د. جلال أمين

الشكوك هي الموصلة للحق. فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقي في العمى والضلال.” أبو حامد الغزالي.. الفيلسوف المفضل لدى محمد سامي

 

كمل سامي وهو بيبص للسماء اللي كان بيبص لها زمان ويسألها أسئلة محيراه: “فضلت أدور في أصول الكتب وأدور في قضايا تدخلني على حاجات تانية فبقى الدعم الأمريكي مثلًا يخليني عاوز أعرف أكثر عن أصول علم الاقتصاد واللي دخلت منها إني أعرف إن أصل الخلافات الاقتصادية موجود في الفلسفة، في نفس الفترة تقريبًا قابلت حد واتصدمت إنه مش مؤمن بالله، الصدمة هزت تفكيري، اللي هو مش مؤمن إزاي يعني؟ وبدأت من اللحظة دي رغبتي في البحث في الدين، وقررت إني أدور على شيخ وأدرس دين مع متخصصين، وده كمان دفعني في اتجاه الفلسفة”.

 

الحبيب علي الجفري ومحمد سامي

الناس عبيد لما عرفوا وأعداء لما جهلوا” أبو حامد الغزالي

“بدأت أدور في أصول كتب الدين عن إجابات لأسئلتي، ومن كتاب لكتاب الدنيا بدأت توضح شوية، ودي ماكنتش حاجة سهلة خاصة إن الفجوة بين العالم والدين بتزيد، كأن العالم كله ماشي في سكة مضادة للدين، وبقت فكرة أنك تتكلم عن الدين في الحياة العامة مش مقبولة، وهتحطك في قالب معين، ومع إنتشار قضايا كثير زي حقوق المثلية الجنسية وفكرة الحرية المطلقة، بدأت أدور طب يعني إيه حرية أصلًا، وبدأت ألاقي إجابات الأسئلة دي من كتب التراث في الدين، وكان نفسي أعبر عن الكلام اللي في الكتب دي بس بطريقة تناسب العصر اللي إحنا عايشين فيه، بس كان ناقص لي الوسائل اللي أقدر أنفذ بيها أفكاري، لحد ما وقت تخرجي من البكالريوس اتكلمت مع الحبيب علي الجفري وشرحت له اللي عاوز أعمله، وأقترح علي أشتغل معاهم في مؤسسة طابة، اللي تبنتني وادتني منحة لدراسة الماجيستير في الفلسفة من الجامعة الأمريكية”. بدأت تتضح لوحة حلم سامي في الوصول للحقائق حبة بحبة.

كلما عز المطلوب وشرف، صعب مسلكه وطال طريقه وكثرت عقابته” أبو حامد الغزالي

ولأن مش دائمًا التغيير بيكون سهل، كانت مواجهة الأهل لابد منها “أنت رايح تعمل إيه يابني؟ فلسفة إيه دي اللي عاوز تدرسها، وهتشتغل إيه؟” عقب والد سامي لما سمع منه أنه ناوي يغير مجال دراسته مرة كمان، وماكنش متصور أنه علم الفلسفة علم له أسس علمية زي الطب بالظبط، لأنها مبنية على افتراضات على عكس الطب اللي متعلق بأرواح ناس، ولكن لأن الأفكار برضه لها نفس قوة إنقاذ أرواح الناس من الضلال كمل سامي سكته وخلص الماجستير في يونيو 2017.

 

محمد سامي ومشرف رسالة الماجستير د. روبرت ماكنتاير

 

“ومن اللحظة دي بدأ عندي تحدي إني أتعامل مع الأفكار الفلسفية من أصل الدين بطريقة بسيطة، وهيكون فيه موقع قريب ننشر عليه القضايا الفلسفية اللي شاغلة الناس، يوضح للناس، ليه بنعبد ربنا، وليه فيه شر في الكون، وإيه دور الإنسان في الحياة.

 أما الإنسان اللي فعًلا عاوز يعرف الحقيقة بيدور عليها كتير، وبيتعب علشان يوصل لها، مش بياخدها في كبسولة لكن بيفكر كتير لحد ما يوصلها بعد دراسة وبحث، وإحنا بنحاول نوفر سبل ده من خلال المقالات والندوات اللي بنعملها في مؤسسة طابة”. وضح سامي خطوط حلمه اللي كان بيعملها بصبر وتأني ومثابرة للوصول ليه.

 

وفي رأي سامي الفلسفة ممكن كمان تساعد في قضايا مجتمعية مختلفة زي التطرف وقال:”الفلسفة في تعريف ابن سينا اللي ذكرته في محاضرة  “هي الفلسفة حرام؟” بتحاول تفهم العالم على ما هو عليه وعلى أساس الفهم ده تتصرف التصرفات السليمة. ومن ضمن الحاجات اللي الفلسفة بتحاول تفهمها هي حقيقة النفس، وعلى أساس ده تحسّن من تصرفها.

الإمام الغزالي بيعرّف الخُلُق أنه: “هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال”. ده معناه أن أفعال الإنسان بتخرج على حسب نفسه من جوه شكلها عامل إزاي. فالفلسفة بتسعى لحصول كمال النفس، اللي من خلاله تنضبط أفعال الإنسان، وبالتالي ماتكونش متطرفة. لكن لو الواحد جاهل بنفسه، هيبقى مش واخد باله لو نفسه دي مشوّهة، وبالتالي هتصدر منه أفعال مشوّهة”. خلص سامي كلامه وهو جواه حماس وهمة للمستقبل بس في نفس الوقت صبر لطريق طويل محتاج تركيز وعزم، ويكفيه إنه عايش لهدف وبيعيش كل لحظة وهو بيحاول يحققه حتى لو ماشفش نتيجته دلوقتي.

 

مقترح