The Definitive Guide to Living in the Capital , Cairo , Egypt

من النادر جدًا أننا نقرأ رواية أو قصص قصيرة مؤخرًا ونعجب بها بالقدر ده، وده مش لأننا صعب إرضائنا لكن لأن المحتوى اللي بقى يقدم في مجال الكتب مؤخرًا بقى استهلاكي أكثر منه مُلهم وغني. ودي أكثر حاجة عجبتنا في المجموعة القصصية "شيكولاتة بيضاء" لتامر عبده أمين. واللي كتب في مقدمتها أنه أختار الاسم ده لأن الواقع مليان قصص حلوة ومرة في نفس الوقت زي الشيكولاتة البيضاء.

الكاتب استخدم لغة راقية وبسيطة أقرب للغة وصف الصحافة ويمكن ده ناتج لطبيعة عمله، ودي كانت كفيلة أنها تخلينا مستمتعين بكل لحظة في الكتاب ومش عاوزين نخلصه. ضحكنا مع أبطال القصص وعيطنا معاهم، والأكيد أن كل بطل في الـ 30 قصة قصيرة لمس جوانا معنى مختلف وخلانا نشوف مواقف كتير في حياتنا بطريقة مختلفة، وكل لما نشوف حد قدامنا في الشارع نتخيل أن وراه قصة كفاح وصبر ماحدش يعرفها غيره.

الكتاب بيبدأ بقصة "عميل رقم 479" واللي بطلها بيسلمنا لبطل القصة اللي بعده وهكذا، كأنك ماشي في الشارع بتشوف ناس مختلفة كل حد بتشوفه بيسلمك للحد اللي بعده، بسلاسة وتلقائية جميلة برغم أننا فضلنا مكملين مع الأبطال شوية لدرجة أننا افتكرنا الأبطال مترابطين. وصحيح كان في كم قصة توقعنا اللي هيحصل فيها من بدايتها زي قصة "كشف طبي" بس برضه ما قدرناش نمسك نفسنا من الضحك فيها. وما ماقدرناش نمسك دموعنا في مشاهد الوداع والغربة عن أحبابنا اللي بيشاركونا حياتنا وعرض تامر قصصهم كأنهم جواه فبقوا جوانا إحنا كمان، كأن كل بطل وشوشه عن اللي بيوجع قلبه وباللي بيفرحه، فقدر يعبر عن ده في "لقطة" مشهد واحد من قصة البطل بتخلي القارئ يتخيل حياته اللي فاتت وحياته الجاية من غير ما يوصف بكلمات كتير كفايا أنه يقول لك رجل بكرش وزراير قميصه هتفرقع من كرشه علشان تتخيل رجل في أواخر التلاتينات شعره رمادي وقرفان من شغله وحياته وبيطلع همه في مراته من خيبته، وكفاية أنه يخلي شخصية مقهورة تطلع كبت سنين من المحايلة والصبر والمدادية في حركة واحدة تدافع بيها عن أخر ما تبقى من احترامها لنفسها وده اللي شوفناه في قصة "آيس كريم". وعشنا في عالم من الخيالات في قصة "في الدنيا الواسعة" كانت لمسة لطيفة بتخفف على القارئ زي البطل عبء الحياة.

مهما نوصف في الجمال اللي شوفناه في "شيكولاتة بيضاء" مش هنوفيه حقه لأنه زي ما بيقولوا اللي من القلب بيوصل للقلب، جمال من الواقع بمره وحلاوته، هيسيب علامة في قلبك ويقول لك أنك مش لوحدك لسه قادر تقاوم وتقوم من تاني لشمس يوم جديد، وقلب جديد. وده اللي دائمًا بنقرأه بصورة أو بأخرى في كتابات تامر. نتمنى للكاتب التوفيق والأفضل دائمًا.